Admin Admin
المساهمات : 241 تاريخ التسجيل : 04/02/2010
| موضوع: البيت الصغير الإثنين نوفمبر 01, 2010 2:06 am | |
|
<TABLE cellSpacing=0 cellPadding=0 width="98%">
<TR> <td class=itemHead bgColor=#e1ecec align=right>علاء في البيت الصغير </TD> </TR> <TR></TR> <TR> <td class=itemBody align=right></TD></TR> <TR> <td class=itemBody height=22 align=right>عَلاءٌ في البَيْتِ مَعَ أُسْرَتِهِ، والبيتُ صَغيرٌ لَيستْ فيه سِوَى غُرْفَتين للنَّوْم. واحدةٌ مِنَ الغُرفتين مُخَصَّصَةٌ لعلاءٍ ولأُخْتِهِ وَأَخَوَيْه. الغُرفةُ صَغيرةٌ لا تَكادُ تَتَّسِعُ للأوْلادِ الثلاثةِ وللبنِْت.
عَلاءٌ هُوَ الابْنُ الأصْغَرُ في الأسْرةِ، وَهُوَ مَحْبوبٌ مِنْ أخْوَتِه. علاءُ محبوبٌ أيْضَاً مِنْ أمِّهِ وَأبيه، وَجَميعُ أفْرَادِ الأُسْرَةِ يُدَلِّلُونَهُ لأنَّهُ الأصْغرُ، ولأنَّهُ وَلَدٌ نَبيهٌ لا يَسْكُتُ على الخَطَأ، وَلا يَكُفُّ عَنْ تَوْجيه الأسْئلَةِ لِكَيْ يَعْرِفَ شَيئاً جَديداً كُلَّ يَوْم.
هَذا لا يَعْني أنَّ عَلاءاً لا يَرْتَكِبُ أيَّ خَطَأ. قَبْلَ يَوْمَيْنِ ارْتَكَبَ عَلاءٌ الخَطَأَ التَّالي: أخَذَ الكُرَةَ التي اشْتَرَاها لَهُ أبُوه، وَخَرَجَ يَلْعَبُ في السَّاحةِ الصَّغيرَةِ أمَامَ البَيْت، ضَرَبَ عَلَاءٌ الكُرَةَ فَاصْطَدَمَتْ بالنَّافِذَةِ وَكَسَرَتْ زُجَاجَها، عَلاءٌ كَانَ مُضْطَرَّاً إلى اللَّعِبِ في السَّاحَةِ الصَّغِيرَةِ بِسَبَبِ عَدَمِ وُجُودِ سَاحَةٍٍ للَّعِبِ في الحَي. يُعيدُ عَلاءٌ الكُرةَ إلى مَكَانها في البَيْت وَيَذْهَبُ لِكَيْ يَلْعَبَ مَعَ كَلْبِهِ العَزيز.
عَلاءٌ يُدْخِلُ الكَلْبَ إلى غُرْفَةِ النَّوْم. الكَلْبُ يَفْرَحُ لأنَّ عَلاءاً يُدْخِلُهُ إلى غُرْفَةِ النَّوْم، يَتَنَقَّلُ بَيْنَ الأَسِرّةِ وَيَشُمُّ كُلَّ شَيْءٍ يَعْثُرُ عَلَيْهِ: يَشمُّ أحْذِيَةَ الأوْلَادِ وَيَشمُّ حِذَاءَ البِنْتِ، يَشمُّ أطْرَافَ الأسرّة، يشمُّ قَوَائِمَ الطَّاوِلَةِ التي تَسْتَخْدِمُهَا البِنْتُ وَيَسْتَخْدِمُهَا الأوْلادُ للدِّرَاسَةِ وَلِحَلِّ وَظَائِفِهِمِ المَدْرَسِيَّةِ، يشمُّ الكَراسِيَ، وَيُطْلِقُ هَمْهَمَاتٍ خَافِتَةً تَعْبيرَاً عَنْ فَرَحِهِ، لأنَّ عَلاءاً جَعَلَهُ يشمُّ أشْياءَ جَدِيدَةً لَمْ يَشُمَّها مِنْ قَبْل.
أُخْتُ عَلاء تُحبُّ الكَلْبَ، لَكِنَّها لا تُحبُّ أنْ تَراهُ في غُرْفَةِ النَّوْم، وَأخَوَاهُ لا يُحبَّانِ ذَلِك. لأنَّ غُرْفَةَ النَّوْمِ صَغيرةٌ، وَلا تَتَّسِعُ لِثَلاثَةِ أوْلادٍ، وَبِنْتٍ، وَكَلْب.
يَتَلَقَّى عَلاءٌ الصَّيْحَاتِ مِنْ هُنا وَهُناك: عَلاء! أَخْرِجِ الكَلْبَ. أَخْرِجِ الكلبَ يا عَلاء! ألا يَكْفينا مَا نَحْنُ فيه مِن ازْدِحَام؟
يَقُولُ عَلاء: أنا آسِفٌ. يَقُودُ الكلبَ إلى غُرْفَتِهِ الصَّغِيرةِ خَارِجَ البَيْتِ، غُرفةٍ صغيرةٍ بَناها أبوه مِنْ خَشَبٍ لِكَيْ تَقِيَ الكلبَ حَرَّ الشَّمْسِ وَبَرْدَ الشِّتاء، وَجَعَلَ لها بَاباً يُغْلِقُهُ على الكلبِ في لَيالي المَطَر. عَلاء يَرْبِطُ الكلبَ كَيْ لا يَذْهَبَ بَعيدَاً، يُمَسِّدُ رَقَبَتَهُ، والكلبُ يَرْفَعُ رَأسَهُ نَحْوَ عَلاء، يَشُّمُهُ وَيَتَقَافَزُ بالقُرْبِ مِنْهُ تَعْبِيرَاً عَنِ البَهْجَةِ وَالسُّرورِ، فَالكلبُ يَبْتَهِجُ لِأَبْسَطِ الأشْياء.
الكلبُ لا يَعْرِفُ أنَّ عَلاءاً يُسَبِّبُ إزْعَاجَاً لأخْتِهِ وَأخَوَيْهِ حِينَما يُدْخِلُهُ إلى غُرْفَةِ النَّوْم، وَعَلاء يَتَسَبَّبُ في إزْعَاجَاتٍ أخْرَى صَغِيرَةٍ لا يَعْرِفُ عَنْهَا الكلبُ شَيْئاً.
يَنْتَهي عَلاء مِنْ حَلِّ وَظَائِفِهِ المَدْرَسِيَّةِ في وَقْتٍ قَصِير. يُخَبِئُ كُتُبَهُ وَدَفَاتِرَهُ في الحَقِيبَة، يُرَاقِبُ أخْتَهُ وأخَوَيه وَهُمْ مُنْهَمِكُونَ في حَلِّ وَظَائِفِهِمِ المدْرسية، وَلا يَنْتَبِهُ إلى أنَّهُمْ بِحَاجَةٍ إلى الهُدُوء! يَبْدَأُ الغِنَاءَ بِصَوْتٍ مُرْتَفِع، وَلا يَتَوَقَّفُ عَنِ الغِناءِ إلَّا حِينَمَا تَبْدَأُ الاحْتِجَاجَاتُ: عَلاء! اسْكُتْ إذا سَمَحْتَ. هَلْ هَذا هُوَ وَقْتُ الغِنَاءِ يَا عَلاء؟
يَقُولُ عَلاء: أنا آسِفٌ، لَمْ أقْصِدْ أنْ أُزْعِجَكُمْ، وَلَكِنْ مِنْ حَقِّي أنْ أُغَنِّي. تَرُدُّ عَلَيْهِ أُخْتُهُ سَنَاءُ: مِنْ حَقِّكَ أنْ تُغَنِّي، وَلَكِنْ لَيْسَ الآن. يُكَرِّرُ عَلاءٌ أسَفَهُ وَيَذْهَبُ إلى سَرِيرِهِ وَيُحَاوِلُ أنْ يَنَام.
عَلاء لا يَسْتَطِيعُ النَّوْمَ! لأنَّ ضُوءَ الِمصْبَاحِ المُتَدَلِّي مِنَ السَّقْفِ يُزْعِجُهُ وَيَجْعَلُهُ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى النَّوْم. يَنْهَضُ عَلاء مِنْ فِرَاشِهِ وَيَتَّجِهُ إلى مِفْتَاحِ الكَهْرُبَاء، يُطْفِئُ النُّورَ، وَقَبْلَ أنْ يَعُودَ إلى سَرِيرِهِ تَنْطَلِقُ الاحْتِجَاجَاتُ: عَلاء! مَا الّذي فَعَلْتَهُ؟ هَلْ تُرِيدُنَا أنْ نَحُّلَ وَظَائِفَنَا في العَتْمَة؟ بِأَيِّ حَقٍّ تُطْفِئُ النُّورَ وَنَحْنُ لَمْ نَنْتَهِ بَعْدُ مِنْ حَلِّ الوَظَائِفِ؟ هَلْ تَعْتَقِدُ أنَّ هَذَا سُلُوكٌ مَقْبُولٌ يا عَلاء؟
يَخْجَلُ عَلاءٌ وَيَقُولُ: أنا آسِفٌ، لَمْ أقْصِدْ أنْ أُزْعِجَكُمْ، وَلَكِنْ مِنْ حَقّي أنْ أنَام. يَرُدُّ عَلَيْهِ أخُوهُ وِسَامٌ: مِنْ حَقِّكَ أنْ تَنَامَ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ أنْ تُقَدِّرَ وَضْعَنَا! يَقُولُ أخوهُ رَبَاحٌ: إذا لَمْ نَشْعُرْ مَعَ بَعْضِنَا بَعْضَاً فَلَنْ نَسْتَطِيعَ العَيْشَ في هَذِهِِِ الغُرْفَةِ التي لَيْسَ لَنَا سِوَاها. يُكَرِّرُ عَلاء أسَفَهُ وَيَجْلِسُ في سَرِيرِهِ مُفَكِّرَاً في وَسِيلَةٍ نَافِعَةٍ لِتَمْضِيَةِ الوَقْتِ، يَفْطَنُ إلى أنَّ مُعَلِّمَ اللُغَةِ العَرَبِيَّةِ نَصَحَهُ بِقِرَاءَةِ قِصَّةٍ اسْتَعَارَهَا مِنْ مَكْتَبَةِ المَدْرَسَة، أخْرَجَ القِصَّةَ مِنْ حَقِيبَتِهِ وَرَاحَ يَقْرَأُهَا باسْتِمْتَاع.
أُخْتُ عَلاء وَأخَوَاهُ انْتَهَوْا مِنْ حَلِّ وَظَائِفِهِمِ المَدْرَسِيَّة. عَلاء لَمْ يَنْتَهِ مِنْ قِرَاءَةِ القِصَّة. انْتَظَرَتْهُ أخْتُهُ وَانْتَظَرَهُ أخَوَاهُ عَشْرَ دَقَائِقَ حَتَّى انْتَهَى مِنَ القِرَاءَة، شَكَرَهُمْ عَلَى تَصَرُّفِهِمِ النَّبِيلِ. ثُمَّ ذَهَبُوا جَميعَاً إلى النَّوْم.
عَلاءٌ قَالَ لأُمِّهِ في الصَّبَاحِ: لَنْ أذْهَبَ إلى المَدْرَسَة! سَألَتْهُ أمُّهُ: لماذَا؟ عَلاء قَالَ: لَيْسَتْ لي غُرْفَةٌ أنَامُ فيها وَحْدِي! قالتْ أمُّهُ: هَذَا هُوَ حَالُ جَمِيعِ الأوْلادِ في حَيِّنا. أضَافَتْ: حَيُّنَا فَقيرٌ وَبُيُوتُهُ صَغِيرَةٌ وَلَيْسَتْ فيها غُرَفٌ كَثيرَة. أدْرَكَ عَلاءٌ أنَّ أمَّهُ وَقَعَتْ في خَطَأ، وَلَمْ يَسْتَطِعِ السُّكُوتَ عَلَى الخَطَأ. سَألَ أمَّهُ: هَلْ أنْتِ مُتَأكِّدَةٌ مِنْ كَلامِكِ هَذَا؟ انْتَبَهَتِ الأمُّ إلى مَغْزَى سُؤالِ ابْنِهَا، وَعَرَفَتْ أنَّ لَدَيْهِ رَدَّاً عَلَى كَلامِهَا. بَدَتْ حَرِيصَةً عَلَى أنْ تَكُونَ صَادِقَةً مَعَهُ. قَالَتْ: لَسْتُ مُتَأكِدَةً، لَكِنَّني أتَوَقَّعُ ذَلِك. قَالَ عَلاء يُصَحِّحُ مَعْلُومَاتِ أمِّهِ: يَوْمَ أمْسِ، ذَهَبْتُ لِزِيَارَةِ زَمِيلي حَامِدٍ الَّذي يَسْكُنُ في حَيِّنَا. ذَهَبْتُ لِزِيَارَتِهِ في بَيْتِهِ، وَعَرَفْتُ أنَّ لَهُ غُرْفَةً يَنَامُ فيها وَحْدَه. قاَلَتِ الأُمُّ: رُبَّمَا كَانَ حَامِدٌ وَحِيدَ أبَوَيْه. قَالَ عَلاء: لا، لَيْسَ وَحيدَ أبَوَيْه. لَهُ أخٌ آخَرُ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا غُرْفَةٌ للنَّوْم. قَالَتِ الأمُّ: نَحْنُ أُسْرَةٌ كَثيرَةُ الأوْلاد. هَلْ تَتَوَقَّعُ أنْ نُخَصِّصَ لَكُمْ أرْبَعَ غُرَفٍ للنَّوْم؟ أدْرَكَ عَلاءٌ أنَّ كَلامَ أمِّهِ فيهِ قَدْرٌ غَيْرُ قَليلٍ مِنَ الإقْنَاع، لأنَّ مِنْ غَيْرِ المعْقُولِ في ظُرُوفِهِمْ هَذه، أنْ تَكُونَ لَهُ ولأخْتِهِ وَأخَوَيْهِ أرْبَعُ غُرَفٍ للنَّوْم. قَالَ عَلاء: أُوَافِقُ عَلَى غُرْفَةٍ وَاحِدَةٍ لِكُلِّ اثْنَيْن. قَالَتْ لَهُ أمُّهُ وَهيَ تَتَفَهَّمُ كَلامَهُ: حِينَمَا تَتَحَسَّنُ أحْوَالُنَا سَنَنْتَقِلُ إلى بَيْتٍ كَبير. سَأَلَ عَلاء: وَلَكِنْ مَتَى تَتَحَسَّنُ أحْوَالُنَا؟ قَالَتِ الأمُّ: أبُوكَ يَشْتَغِلُ في وَرْشَةِ البِنَاءِ وَأنَا أعْمَلُ في حَضَانَةِ الأطْفَال، نَحْنُ نَعْمَلُ مِنْ أجْلِكُمْ! ثُمَّ أضَافَتْ: وَتَقُولُ لي إنَّكَ لَنْ تَذْهَبَ إلى المَدْرَسَة! هَلْ هَذَا كَلامٌ يَقُولُهُ وَلَدٌ مُجْتَهِدٌ مِثْلُك! عَلاءٌ شَعَرَ بِالْحَرَجِ وَقَالَ: أنا آسِفٌ. حَمَلَ حَقِيبَتَهُ وَمَضَى إلى المدْرَسَة.
عَلاءٌ قَالَ لأبيهِ في المسَاء: هَذَا اليَوْمَ حَدَّثَنَا الْمُعَلِّمُ عَنْ حَقِّ الطِّفْلِ في مُسْتَوَى مَعِيشَةٍ لائِقٍ، ثُمَّ أخْرَجَ وَرَقَةً مِنْ حَقِيبَتِهِ وَرَاحَ يَقْرَأُ: مِنْ حَقِّ الطِّفْلِ أنْ يَتَمَتَّعَ بِمُسْتَوَى مَعِيشَةٍ لائقٍ، مُلائِمٍ لِنُمُوِّهِ البَدَنيِّ والرُّوحِيِّ وَالمَعْنَويِّ والاجْتِمَاعِيّ! رَفَعَ رَأْسَهُ عَنِ الوَرَقَةِ وَقَالَ: الْمُعَلِّمُ شَرَحَ لَنَا بالتَّفْصِيلِ مَعْنَى هَذَا الْكَلام.
ابْتَسَمَ الأبُ وَقَالَ: هَذَا جَيِّد، فَأَنْتَ تَكْتَسِبُ مَعَارِفَ جَدِيدَةً كُلَّ يَوْم. قَالَ عَلاء: وَلَكِنْ، لَيْسَ لَدَيَّ مُسْتَوَى مَعِيشَةٍ لائِق! قَالَ الأبُ: فَكِّرْ قَليلاً، وَسَتَرَى أنَّنَا، أنَا وَأمَّكَ، نَعْمَلُ مِنَ الصَّبَاحِ حَتَّى المسَاءِ مِنْ أجْلِكُمْ، أنْتَ وَأُخْوَتِكَ، نُؤَمِّنُ لَكُمْ طَعَامَاً جَيِّدَاً يَحْفَظُ صِحَّتَكُمْ، نَأْخُذُكُمْ في أيَّامِ العُطَلِ إلى الْمُتَنَزَّهَات، وَنُوَفِّرُ لَكُمْ فُرَصَ الاشْتِرَاكِ في الرَّحَلاتِ المدْرَسِيَّة، نَشْتَرِي لَكُمْ الكُتُبَ وَالدَّفَاتِرَ وَالأقْلامَ وَالملابِسَ وَالألْعَاب، نَسْعَى لِكَيْ تُواصِلُوا الدِّرَاسَةَ وَتُصْبُحُوا مِنْ حَمَلَةِ الشَّهَادَات، وَلِكَيْ تَعيشُوا بِطُمَأنِينَةٍ وَكَرَامَةٍ وَرَاحَةٍ وَهَنَاء. هَلْ هَذَا قَليلٌ يا عَلاء؟
قَالَ عَلاء: هَذَا لَيْسَ قَليلاً، وَأنا أشْكُرُكُمَا، أنْتَ وَأمِّي، عَلَى مَا تُوَفِّرَانِهِ لَنَا مِنْ طَعَامٍ وَمَلابِسَ وَكُتُبٍ وَدَفَاتِرَ وَأقْلام، لَكِنَّني بِحَاجَةٍ إلى غُرْفَةٍ أنَامُ فيها وَحْدِي. قَالَ الأبُ: تَنامُ فِيها وَحْدَك! تَسَاءَلَ عَلاء: هَلْ هَذَا كَثيرٌ؟ ثُمَّ أضَافَ وَهُوَ يَلْتَفِتُ نَحْوَ أُمِّهِ: هَلْ أُخْبِرُ أبي بِمَا رَأَيْتُهُ في بَيْتِ زَمِيلي حَامِد؟ قَالَتِ الأُمُّ: أنَا أخْبَرْتُهُ بِذَلِك. قَالَ الأبُ: هَلْ تَعْلَمُ أنَّ في بِلادِنَا أطْفَالاً لا بُيوتَ لَهُمْ؟ قَالَ عَلاء: أعْلَمُ ذَلِكَ، الْمُعَلِّمُ حَكَى لَنَا كُلَّ شَيءٍ، وَإذَا كَانَ مِنَ الصَّعْبِ تَوْفيرُ غُرْفَةٍ أنَامُ فِيها وَحْدِي، فإنَّني أقْبَلُ بِغُرْفَةٍ لي وَلأُخْتي سَنَاء. قَالَ الأبُ: بَلْ مِنْ حَقِّكَ أنْ تَكُونَ لَكَ غُرْفَةٌ تَنَامُ فِيها وَحْدَكَ. أضَافَ الأبُ بَعْدَ لَحْظَةِ صَمْتٍ: حِينَمَا تَتَحَسَّنُ أحْوَالُنَا سَنَنْتَقِلُ إلى بَيْتٍ كَبير.
قَالَ عَلاء: أمِّي قَالَتْ لي مِثْلَ هَذَا الكَلام. سَألَ الأبُ: هَلْ تُصَدِّقُ كَلامَ أمِّكَ؟ قَالَ عَلاء: أُصَدِّقُ كَلامَهَا وَأُصَدِّقُ كَلامَكَ. ثُمَّ أضَافَ: بَيْتٌ كَبيرٌ في حَيٍّ تَتَوَفَّرُ فيه سَاحَةٌ لِلَّعِب! قَالَ الأبُ: نَعَمْ، بَيْتٌ كَبيرٌ في حَيٍّ تَتَوَفَّرُ فيهِ سَاحَةٌ لِلَّعِب.
انْطَلَقَ عَلاءٌ إلى الْخَارِجِ وَهُوَ يَتَوَقَّعُ أيَّامَاً مُرِيحَةً. اتَّجَهَ إلى غُرْفَةِ الكَلْبِ، وَجَدَهُ يَلُوبُ بالقُرْبِ مِنَ البَابِ، رَاحَ يُلاعِبُهُ وَيقُولُ لَهُ: سَتَكُونُ لي غُرْفَةٌ أنَامُ فيها وَحْدِي. أبي قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ لَحَظَاتٍ! وَآنَذَاكَ، سَأجْعَلُكَ تَدْخُلُ الغُرْفَةَ في أيِّ وَقْتٍ تَشَاءُ، تَلْعَبُ وَتَشُمُّ كُلَّ شَيء. أمَّا أنَا فَسَوْفَ أُغَنِّي في الغُرْفَةِ مِثْلَمَا أشَاءُ، سَأنَامُ في الوَقْتِ الّذي أُريدُهُ، لَنْ أُزْعِجَ أحَدَاً، وَلَنْ يُزْعِجَني أَحَدٌ. مَا رَأيُكَ يا كَلْبي العَزيز؟
هَزَّ الكَلْبُ ذَنَبَهُ، تَقَافَزَ بالقُرْبِ مِنْ عَلاء، وَرَاحَ يُهَمْهِمُ بِصَوْتٍ خَافِتٍ كَأنَّهُ يَقُولُ: نَنْتَظِرُ، وَنَرَى مَا سَوْفَ يَكُون.
يَقُولُ عَلاءٌ لِلْكَلْبِ: نَعَمْ، نَلْعَبُ مَعَاً، نَفْرَحُ مَعَاً، نَنْتَظِرُ، وَنَرَى مَا سَوْفَ يَكُون.
</TD> </TR></TABLE> |
| |
|